بسم الله الرحمن الرحيم
الحـــــــديـــــــــث
مَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
حَدَّثَنَا
قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ
عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ
قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَابْنِ عُمَرَ قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَكَذَا رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ وَرَوَى أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ وَكَأَنَّ هَذَا أَصَحُّ مِنْ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ عُبَيْدُ بْنُ أَسْبَاطَ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْحَدِيثِ
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
قَوْلُهُ : ( مَنْ نَفَّسَ )
مِنْ التَّنْفِيسِ أَيْ فَرَّجَ وَأَزَالَ وَكَشَفَ
( عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً )
بِضَمِّ الْكَافِ فُعْلَةٌ مِنْ الْكَرْبِ وَهِيَ الْخَصْلَةُ الَّتِي يُحْزَنُ بِهَا وَجَمْعُهَا كُرَبٌ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ وَالنُّونُ فِيهَا لِلْإِفْرَادِ وَالتَّحْقِيرِ أَيْ هَمًّا وَاحِدًا مِنْ هُمُومِهَا أَيُّ هَمٍّ كَانَ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا
( مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا )
أَيْ بَعْضِ كُرَبِهَا أَوْ كُرْبَةٍ مُبْتَدَأَةٍ مِنْ كُرَبِهَا
( نَفَّسَ اللَّهُ )
أَيْ أَزَالَهَا وَفَرَّجَهَا
( عَنْهُ )
أَيْ عَنْ مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً
( مِنْ كُرَبِ الْآخِرَةِ )
أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتَنْفِيسُ الْكَرْبِ إِحْسَانٌ لَهُمْ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى { هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } وَلَيْسَ هَذَا مُنَافِيًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } لِمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهَا تُجَازَى بِمِثْلِهَا وَضَعْفِهَا إِلَى عَشْرَةٍ إِلَى مِائَةٍ إِلَى سَبْعِمِائَةٍ إِلَى غَيْرِ حِسَابٍ عَلَى أَنَّ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ تُسَاوِي عَشْرًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا . وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَنْوِينُ التَّعْظِيمِ وَتَخْصِيصُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ دُونَ يَوْمٍ آخَرَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُضَاعَفَةَ إِمَّا فِي الْكَمِّيَّةِ أَوْ فِي الْكَيْفِيَّةِ
( مَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ )
وَفِي حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ : مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا أَيْ بَدَنَهُ أَوْ عَيْبَهُ بِعَدَمِ الْغِيبَةِ لَهُ وَالذَّبِّ عَنْ مَعَايِبِهِ . وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ لَيْسَ مَعْرُوفًا بِالْفَسَادِ وَإِلَّا فَيُسْتَحَبُّ أَنْ تُرْفَعَ قِصَّتُهُ إِلَى الْوَالِي فَإِذَا رَأَى فِي مَعْصِيَةٍ فَيُنْكِرُهَا بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ , وَإِنْ عَجَزَ يَرْفَعُهَا إِلَى الْحَاكِمِ إِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ مَفْسَدَةٌ . كَذَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ
( سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ )
أَيْ لَمْ يَفْضَحْهُ بِإِظْهَارِ عُيُوبِهِ وَذُنُوبِهِ
( وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ )
وَفِي حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ . وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ . أَيْ مَنْ كَانَ سَاعِيًا فِي قَضَاءِ حَاجَتِهِ , وَفِيهِ تَنْبِيهٌ نَبِيهٌ عَلَى فَضِيلَةِ عَوْنِ الْأَخِ عَلَى أُمُورِهِ , وَإِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُكَافَأَةَ عَلَيْهَا بِجِنْسِهَا مِنْ الْعِنَايَةِ الْإِلَهِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ بِقَلْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ بِهِمَا لِدَفْعِ الْمَضَارِّ أَوْ جَلْبِ الْمَنَافِعِ إِذْ الْكُلُّ عَوْنٌ .
قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَابْنِ عُمَرَ )
أَمَّا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فَأَخْرَجَهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ لَفْظُهُ : مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ فَكَأَنَّمَا اِسْتَحْيَا مَوْءُودَةً فِي قَبْرِهَا . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ : رِجَالٌ أَسَانِيدُهُمْ ثِقَاتٌ , وَلَكِنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَشِيطٍ اِخْتِلَافًا كَثِيرًا ذَكَرْت بَعْضَهُ فِي مُخْتَصَرِ السُّنَنِ اِنْتَهَى . وَأَمَّا حَدِيثُ اِبْنِ عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ . وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ أُخْرَى ذَكَرَهَا الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَكَذَا رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ إِلَخْ )
أَيْ بِالِاتِّصَالِ بَيْنَ الْأَعْمَشِ وَأَبِي صَالِحٍ
( وَرَوَى أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حُدِّثْت )
بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ
( عَنْ أَبِي صَالِحٍ )
. فَفِي رِوَايَةِ أَسْبَاطٍ اِنْقِطَاعٌ بَيْنَ الْأَعْمَشِ وَأَبِي صَالِحٍ , فَإِنَّ الْأَعْمَشَ لَمْ يَذْكُرْ مَنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا : رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ اِنْتَهَى . قُلْت : لَيْسَ فِي النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ عِنْدِي تَحْسِينُ التِّرْمِذِيِّ لِهَذَا الْحَدِيثِ .
_________________