رحلت بعد مدة من وفاة زوجها متأثرة بحزنها الشديد الذي تسببوا أولادها به كانت تعتقد بأنهم كذلك حتى صدمتها صاعقة الزمن خذلوها في أشد حاجتها لهم نعتوها بأنها ليست أمهم و لا حق لها في مناد تهم بهذا الاسم قالوا: أمنا ماتت منذ صغرنا ولم تعد لنا أم أخرى
نادت و أنا ماذا؟
أنت ماذا أنت مجرد خادمة عندنا خدمتينا و خلصت مدة خدمتك لم نعد في حاجتك.
اندهشت لما سمعت ثم قالت: ويحكم أمكم تركتكم منذ صغركم لم تعرفوا شيء قبلها عن الحياة أكبركم كان عمره عمره 10 سنوات تركتكم في سن صغيرة جدا أنا التي اعتنيت بكم حيث كنت أغسل ملابسكم و أطبخ كل يوم واسهر لمرضكم
فرحت بكل واحد عند نجاحه بالمدرسة لقد وقفت على دراستكم أكني التي أمتحن أخرجت منكم الطبيب و المهندس و الذي لم ينجح بدراسته أصبح أغنى شخص في العائلة هذا بفضل مساعدتي له
بعد كل هذا تنعتوني بالخادمة هذا جزائي لقد أحببتكم مثل أولادي الذين لم أنجبهم من بطني قدر الله أن لا أنجب الأولاد و لكني أحببتكم مثلهم
وفاضت عيناها بالدموع أحست بنيران الدموع التي تنهمر على خديها بسبب كلام أولادها
لطالما أحبتهم و اعتنت بهم ،أخذت تتذكر أيام العيد كيف تذهب معهم للمحلات و تشتري لكل واحد منهم ملابس التي تعجبه و بعدها تستحمهم حتى يظهروا بأحلى حلة و لا يتضايقوا كونهم لا أم لهم
صارت تنظر لكل واحد منهم وتغوص في ذكرياتها هذا أحمد
في صغره جاء مرة للبيت يبكي و ملابسه ملطخة بالطين و يداه على عينيه يمسح دموعه حتى يصير وجهه ملطخ كذلك
تذهب مسرعة نحوه و تسأله ماذا جرى يا صغيري يجيبها و هو يبكي لقد أوقعتني مجموعة من المشاغبين تأخذه في حضنها و تمسح وجهه و تخلع ملابسه الملطخة و تلبسه ملابس جديدة ثم تخاطبه بحنية لا بأس عليك يا صغيري غدا أتكلم مع أولياء الأشقياء حتى لا يعيدوا الكرة فليست هذه المرة الأولى يفعلونها ثم تحضر له البسكويت مع الحليب يتناول وجبته المسائية ثم يتجه لينجز فروضه المدرسية و بعدها يخرج يلعب بفناء المنزل.
و لما رأت سعاد تذكرت أول طبخة لها لما أحرقتها وصار المنزل مليئا بالدخان في وسطه سعاد تبكي خائفة من معاقبتها.
لما رأت الأم الدخان دخلت مسرعة من فناء المنزل حيث كانت تنشر الغسيل و اتجهت مسرعة نحو صوت سعاد التي كانت تبكي بصوت عال و تناد سعاد سعاد أين أنت؟
لكن سعاد لم تتفوه بأي كلمة خوفا من أمها.
أخرجت الأم الطبخة المحترقة و أطفأت النار التي كادت أن تحرق المنزل ثم اتجهت نحو سعاد متبعتا صوت بكائها.
لما رأتها الأم وجدتها ترتعش من شدة الخوف، اتجهت مسرعة نحوها و أخذت تفتش عن أي حروق حتى تعالجها الحمد لله جاءت سليمة و لم تصب بأي حروق أو أي مكروه أخذتها بحضنها و حمدت الله على سلامتها
صحت من ذكرياتها على صوت أحد أولادها تعالي معنا إلى أي يا بني فصاح في وجهها لست أمنا سنأخذك لدار العجزة فهناك منزلك الحقيقي و هناك يجب أن تعيشي....
نطق شخص ثان هذا معروف منا فقط حتى لا تنامي في الشارع أنت تعرفي أن أبي توفى إثر إفلاسه فلم يبقى له شيء من أمواله و لم يعد لك أيضا حتى فلس واحد تنفقيه على نفسك هذا كرم منا فقط تذكري هذا
نظرت إليهم ثم اتجهت نحو صندوق كبير أخرجته و أعطت المفتاح للأخ الأكبر و طلبت منه أن يفتح الصندوق، ذهب وفتحه فوجد أوراقا كثيرة و صور، قال: ما هذه الأوراق؟
طلبت منه أن يقرا بعضها حتى يفهم ما هذه الأوراق و لمن هذه الصور الولد صار يبكي على كل صورة ينظر إليها و إلى كل ورقة يقرؤها
فقالت هذه صورك منذ كنت صغيرا مع أمك استحفظت بها لك و قررت أن أعطيها لك في وقتها المناسب و أظن أن هذا الوقت هو المناسب لذلك أما الأوراق فهي شهادتك التي أخذتها أثناء دراستك و استحفظت لكل واحد منكم ألبوما من الصور لما كان صغيرا و كل شهادات التقدير التي أخذها.
أخذ كل واحد من أولادها ألبومه الخاص و صار ينظر إلى الصور و يعونه تضرف دموعا كأنها أنهار تجري على خده.
اتجه كل واحد منهم إليها يحضنها و يبكي على صدرها و يقول سامحيني على كلامي سامحيني على قسوت قلبي سامحيني أمي العزيزة أجل أنت كنت كذلك أو أكثر.
سقطت الأم على الأرض فنادي الأولاد فزعين أمي أمي بعد مدة قصيرة من سقوطها فتحت عيناها و ابتسمت الحمد لله سمعت منكم هذه الكلمة مرة أخرى قبل رحيلي و أنا راضية على كل واحد منكم
أعرف أن كلامكم كان غير مقصود فهذا كله بسبب حزنكم الشديد على أبوكم رحمه الله الآن سأذهب حيث هو و أوصيكم أن تدفنوني بجانبه
صاح الابن الأكبر لن ترحلي عنا سأنقلك للمشفى و تبقين معنا
قالت لا فائدة فقد حان وقت الرحيل و توقفت عن الكلام
ناد الولد الأصغر أمي أمي لا ترحلي أنا أسف لم أكن أعرف ما أقول أنا آسف أعدك لن آخذك لدار العجزة ستبقي معي ستكونين بجانبي في بيتي ألا تحب أحفادك الصغار لكن قال الأخ الأكبر لا فائدة لقد ماتت.
من تأليفي